ا.كاظم الشبيب / "سهولة إثارة الكراهية"


قد تنـزعج أمة كاملة بسبب مواقف صغيرة ولكنها خطيرة على الناس. كلمات قصيرة قد تحول المحبة إلى كراهية، أو تعليق غير مقصود قد يحول الكراهية إلى محبة، أو إشارة رمزية باليد ربما تثير الكراهية بين شعبين كانا متعايشين قبل أيام أو ساعات فقط. هي إثارات لكراهيات عريقة في التاريخ البشري، لنأخذ المثال التالي: 

كـان جون دونالد إموس كاتباً أمريكياً معروفاً وصاحب مشاريع خيرية لصالح الأطفال المصابين بالسرطان وأمراض الدم الخطيرة، وفضلا عن هذا، فهو مذيع مشهور في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي بلاد عرفت تاريخـاً مريراً من العنصرية الكريهة ضد السود، وتكاد تكون الدولة الديموقراطية الوحيدة في العالم التي يؤمن التعديل الأول للدستور فيها حمايـة شبه مطلقة لحرية التعبير حتى لو كان تعبيراً عن الكراهية. إلا أن كـل هـذا لم ينقذ إموس من مواجهة مصيره بسبب تعليق مسيء بحق النـساء الـسوداوات. 

ففي 4 أبريل 2007 التقى فريقان في مباراة كرة السلة للسيدات، وكان إموس مستغرقاً في التعليق والنقاش التهكمي حول - هـذه المباراة، وفي هذا النقاش صرح بتعليقات مسيئة وبأوصاف مؤذية بحـق فريق السيدات السوداوات اللاتي كن يمثلن جامعة روتجرز في هذه البطولة. لم يكن يدور في خلد إموس أن هذا التعليق التهكمي سيتسبب بضجة كبيرة لن تنتهي إلا بإيقافه المؤقت عن العمل ووقف برنامجه، ثم بفصله نهائياً من هذا العمل. لقد تسبب هذا التعليق بضجة كبيرة، وفي خطـوة تصعيدية أعلنت سبع شركات مهمة (من بينها جنرال موتورز وأمريكان إكسبرس) عن سحب فوري لإعلاناتها من المحطة، وعن وقف مـؤقت لهذه الإعلانات عن برنامج إموس، فيما أعلنت شركات أخرى أنها ستعيد النظر في إعلاناتها لدى المحطة وأنها غير متأكدة الآن من تجديد إعلاناتهـا في برنامج إموس. 

لم يكن أمام هذا الأخير سوى المسارعة لإصــدار بـــــيان يعتذر فيه عن ذلك التعليق، ويصرح بأنه يتفهم غضب الناس من التعليق الذي وصفه هو نفسه بأنه عديم الإحساس ومؤذ وغير مناســب وطـائش وغبي. في 9 أبريل ظهر إموس على أحد البرامج الإذاعية ليوضح موقفه من كل هذا، فقال: "كانت خطتنا أن نكون هـزليين، وأحياناً نذهب بعيداً في هذا الهزل، وهذه المرة ذهبنا بعيداً، إلا أنـي تعلمت أنك لا تستطيع أن تكون هزلياً مع كل الناس؛ لأن بعض الـنـاس لا يستحقون ذلك"*1 لأننا، بحسن نية او بسوء نية، قد نثير الكراهيات العريقة في تاريخ البشرية: مثل الكراهية ضد اليهود، الكراهية الصليبية، ومعاداة السامية في ألمانيا، ولنضف إليها العنصرية ضـد السود،*2 

في المقطع المرفق فائدة مكملة للموضوع من زاوية علاجية بعنوان: التخلص من كراهية الآخرين: 


 


مع خالص تحياتي 

أخوكم: كاظم الشبيب/ أبو احمد 

12/11/2022 


*1 و2 بالتوالي: ص٩٣-٩٤، وص ١٠١ كراهيات منفلتة 

تعليقات