الرجل المؤمن الصّالح الحاج حسن عبدالله الربابي


 مهما كانت مواجع الألم لفقد عزيز ، فمن الصّعب إظهار ما تحمله من مشاعر عن طريق الكلام أو الكتابة، تتناسب معها وبقدر شدّتها .

في يوم الخميس  السابع عشر من شهر جمادى الآخرة سنة ١٤٤٣ هجرية ،وصلنا نبأ رحيل  أخٍ  وصديق لنا ،ورفيق سنوات طويلة :الرجل المؤمن الصّالح الحاج حسن عبدالله الربابي ،والذي كان في رحلة علاج في بلاد الهند .

كان نبأ وفاته صدمة لنا  بالخصوص حيث كنّا في حالة أمل برجوعه سالما إلى أرض الوطن، حسب ما كانت تصلنا أخبار عن أحواله، والتي كانت في موضع الاطمئنان ، لكنّها إرادة اللهُ ربّ العالمين ولا حول ولا قوّة إلٌّا بالله العلي العظيم .

أبو علي ؛ شخصيّة فريدة من نوعها 

 كانت تجذب اليها جلساءها

لِما كانت تتمتّع به من قدرة غير مصطنعة في بثّ روح المحبّة، واحترام الآخرين الّذين تتكوّن عندهم رغبة توّاقة لمجالسته والتّحدث معه مرات كثيرة .

على مدى حياته عُرف عنه حسن المعاشرة ودماثة الأخلاق مع الصغير والكبير على حد سواء ، فجعلته إنسانا مريحاً  لكلّ من قابله حيث كانت ابتسامته تبدأ قبل السلام .

كان رحمه اللهُ معروفاً بإيمانه وصلاحه وتعلّقه بحب أهل  البيت عليهم السلام ، وقد كان بكّاءً

من قلبه في جميع رزاياهم عليهم السلام ، حتى في أفراحهم نجده يجمع الفرح والحزن من شدّة قوّة عقيدته بهم عليهم السلام، حيث كان حريصاً كلّ الحرص على الحضور والاستماع للمجالس الحسينية والتي تْقام طوال العام. 

كان رحمه اللهُ من الملتزمين بأداء أداء صلاة الجماعة،  وحضوره ملموسا في مختلف أماكن تلك الصلاة باختلاف المسافات بينها واختلاف أئمتها والتي تدل على عمق إيمانه رحمه الله.

مشاركته لمجتمعه في جميع مناسباتهم كانت واضحة في أفراحهم فياخذهم بالأحضان ،وفي أتراحهم يغدق عليهم مواقفه النبيلة فيخفّف عليهم مواجعَ آلامهم .

الكرمُ ميزةٌ اصيلة في صفاته تميَّزَ بها تغمّده اللهُ  بوافرِ رحمته،

فيارب وأنت العالم بضيفكَ الوافد الى جوار رحمتك  كريماً سخيّاً نبيلاً  وصاحب يدٍ خفيّة،  يشارك من هو ذي حاجة فيسدّ حاجته وإن كان ذلك على حساب حاجته ، إجعله منعّماً في فسيح جنانك .

 كنّا لا نترك مشورته في الكثير من الأمور والتي كانت خاصّة لبعض أو عامة لرفقائه المُحبّين  لشعورنا بأنّه " أخينا الاكبر " .

كان رجل عائلة بكل مفاهيمها 

حيث كانت تلتف حوله ويحتضنها 

احتضان الوالد  الحنون والأخ المحب والابن المطيع، و نتاج ذلك 

منزلاً مفتوحا لهم جميعاً قد وجدوا فيه الأمان والراحة .

علاقته بأصدقائه وصلت من وثاقتها إلى أنّه كان يطلق عليهم إخوتي في كلّ مرة بدل كناية أسماء؛  فيشعرون بالأخوّة بعمق الإحساس و صادق الشعور اللذين يثلجان

القلوب ويفيضان بالوجدان .

على مدى ٣٥ سنة ونيّف كان مجلسه الأسبوعي مفتوحاً لمحبّيه ، والذي  له الأثر الكبير في تآلف وتضامن وقرب تلك الجماعة الخيّرة فأصبحت  حقيقة إخوّةً في الله، ديدنها المحبة الصّادقة ، ذلك المجلس الذي لا يُغلق ،  لانه حريصاً على تشّرفه بزوّاره إلا إذا 

كانت هناك مناسبات  لأهل البيت عليهم السلام ، أو ظروف أخرى خارجة عن نطاق الإرادة مثل بدء جائحة كرونا ، أو أثناء مرضه رحمه اللهُ .

لقد غاب عنّا ولكن قلوبنا سوف تحتضن ذكراه ماحيينا ، سائلين اللهُ لنا الصبر والسلوان .

فالإيمان بقضاء الله هو أمرٌ حتمي على المؤمن  حتى لو كانت قدرة التحمّل مختلفة بين أفراد البشر .. فالمؤمن يسلّم بما كتب الله له ويردّد دائماً إنّا لله وانّا اليه راجعون ولا حول ولا قوّة الا بالله .. محتسبا صابراً..  .

بالطّبع فقد الحبيب من أصعب الأمور على القريبين منه بالخصوص  من كان لهم روح حانية  وفجأة يذهب ذلك ولا تبقى سوى الذكريات الجميلة أصلاً والمؤلمة الآن .. لكن هذه الحياة يكتب لنا الله قدراً ولا مفرّ منه سوى الصّبر . وتبقى الذكريات منهلاً لتتحوّل إلى أعمال صالحة من عبادات وغيرها نهديها لمن غاب عنّا، ملتمسين من الله عزّ وجل أن يلهمنا الصبر والسّلوان محتسبين راضين شاكرين ليزدادوا درجات عالية عند الله سبحانه.

رحمك الله أخانا أبا عليّ ، وأنت إن شاء اللهُ في خير بمعيّة محمد وآل محمد عليهم السلام في فسيح الجنان . 

ورحم اللهُ من قرأ سورة المباركة الفاتحة وأهدى ثوابها لروحه الطيبة ولأرواح موتى المؤمنين والمؤمنات .

✏️علي حسن الخنيزي

تعليقات